هل فكرت يومًا أنه يمكنك اختراق عالم الخيال عبر جهازك الإلكتروني؟، حتى وإن لم تفكر فإن تقنية المتيافيرس ستذهب بكَ إلى عالم الخيال؛ لتعيش داخله حياة افتراضية من اختيارك، ويشهد العالم اليوم طفرة مهولة في التطور التكنولوجي؛ بسبب ظهور هذه التقنية، والتي ستُحدِث تغييرات جذرية في كيفية تفاعل الناس مع بعضهم البعض، ومع العالم الرقمي بشكل عام.
ومن المتوقع أن تنشأ العديد من الفرص التجارية، الوظيفية، الترفيهية، التعليمية والاجتماعية في هذا العالم الجديد؛ لتدفعك للتجول داخل عالمكَ الافتراضي الذي تريده، فهل ستكون واحدًا من أفراد هذا العالم؟، وهل سيكون الميتافيرس تطبيقًا فعَالًا وناجحًا، أم سيكون كابوسًا يهدد البشرية؟
في هذا المقال المقدم من موقع “باراجون” سنتحدث عن أهم المعلومات حول تقنية الميتافيرس التي أحدثت طفرة في عالم التكنولوجيا؛ لتصبح واقعًا افتراضيًا يمكنك الدخول فيه والتعامل معه بشكل حقيقي.
ما هي تقنية الميتافيرس، وما نوع التكنولوجيا المستخدمة فيها؟
تعد الميتافيرس عبارة عن شبكة اجتماعية ضخمة، تتمثل في عالم افتراضي يمكن للمستخدمين التفاعل فيه مع بعضهم البعض، ومع العناصر الافتراضية بطريقة شبيهة بالعالم الحقيقي.
كما تتميز هذه التقنية بأنها تجمع بين تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، وتتيح للمستخدمين تجربة ممتعة من التفاعل مع بيئات افتراضية مبتكرة ومتطورة، وتعتمد هذه التقنية على استخدام أجهزة تقنية حديثة، مثل “النظارات الذكية، الهواتف المحمولة، أو الحواسيب”، وتسمح للمستخدمين بالتفاعل مع العناصر الافتراضية بواسطة سماعات رأس ونظارات 3D.
وتتميز هذه التقنية أيضًا بأنها تتيح للمستخدمين الدخول إلى عالم افتراضي يحتوي على عناصر ثلاثية الأبعاد، وتعيد إنتاج الأجواء والمشاهد والأصوات بطريقة واقعية جدًا، إذ تقوم التقنية على ثلاثة أنواع من الواقع الافتراضي (VR)، الواقع المعزز(AR) والخليط (MR)، وتشكل معًا ما يسمى بالواقع الممتد (XR).
وتتداخل معها أيضًا تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن ثم تتكون كائنات افتراضية (الأفاتار) بالاعتماد على هذه التقنيات الثلاثة، وتبدأ أنتَ باختيار الشخصية التي تناسبك وتنطلق داخل هذا العالم اللامحدود.
أهم التطبيقات التي ستُستخدم في تقنية الميتافيرس
بعد جائحة كورونا دفعت الظروف التي شهدها العالم إلى التفكير في مستقبل الإنترنت، والتفاعلات البشرية سواء في التعليم، العمل، الطب، التسوق أو غيرها، وكما ذكرت بعض الأبحاث أنه يمكن الاستفادة من تقنية الميتافيرس في العديد من التطبيقات العملية في المستقبل، وذلك لمنح المستخدمين تعاملات أكثر تعاونًا وتفاعلًا وشمولية، ومنها:
1- التعليم عن بعد: سوف تساهم تقنية الميتافيرس في تغيير شكل التعليم بصورة عامة؛ حيث يمكن للطلاب حضور المحاضرات، الدورات التدريبية والاجتماعات بأنفسهم في شكل ثلاثي الأبعاد عبر الميتافيرس، بدلًا من مشاهدتها عبر المنصات التعليمية الرقمية، فيستطيع الطالب أو الدارس أن يتفاعل بصورة مباشرة، سواء مع المعلم أو البيئة التعليمية نفسها، كما يمكن استخدام التقنية في تطوير المنصات التعليمية عن بُعد أيضًا لمختلف المجالات؛ وذلك لتوفير تجارب تعليمية مثيرة وتفاعلية.
2- الطب: يمكن استخدام تقنية الميتافيرس في تطوير تطبيقات طبية؛ لتشخيص الأمراض وعلاجها بشكل أفضل وأكثر فاعلية، كما يمكن لأستاذ بكلية الطب إجراء عملية جراحية بحضور مباشر لطلابه بالجامعة عبر الميتافيرس، فيرتدي كل طالب نظارة الواقع الافتراضي التي ستنقله إلى داخل غرفة العمليات، وكأنه بالفعل موجود مع الطبيب، فيستطيع أن يرى مهارة الطبيب بدقة، وكيفية تعامله مع الحالة المرضية، بالإضافة إلى أنه يمكن للطالب مساعدة الطبيب، لكن ليس بالتطبيق العملي، فالطالب فعليًا ليس موجود بغرفة العمليات، ولكنه يستطيع قراءة البيانات الحيوية للمريض، وإخبار الطبيب بأي أمر طارئ.
3- الألعاب: يمكن استخدام التقنية في تطوير ألعاب أكثر واقعية وتفاعلية.
4- الأعمال: يمكن استخدام تقنية الميتافيرس أيضًا في تطوير تطبيقات الأعمال؛ لتحسين تجارب المستخدمين وتسهيل العمليات الحيوية في الشركات، حيث يمكنك حضور الاجتماعات والتفاعل مع شركائك وأنت ما زلت في منزلك.
5- التسوق عبر الإنترنت: يمكن استخدامها أيضًا في تطوير تجارب التسوق عبر الإنترنت، سواء كانت متاجر للأجهزة الإلكترونية، أو ماركت بقالة، أو حتى متاجر الملابس، إذ يستطيع الزائر أن يختار ويقيس بنفسه الملابس التي يرغب في شرائها، وأن يتحقق مما إذا كانت مناسبة له أم لا، أو يختار كافة السلع التي يحتاج لشرائها من الماركت ويضيفها إلى سلة المشتريات، ثم يقوم بالدفع عبر بطاقة الائتمان، ويتم توصيل هذه السلع إلى منزله بكل سهولة، وسيكون ذلك رائعًا لتحسين تجربة المستخدم وزيادة المبيعات.
6- السفر والسياحة: يمكن استخدام التقنية في تطوير كافة الأنشطة الترفيهية، بما فيها تطبيقات السفر والسياحة، كالذهاب في رحلات افتراضية ليس فقط عبر كوكب الأرض، بل عبر المجموعة الشمسية كلها، وكل ذلك بارتدائك فقط لنظارة الواقع الافتراضي والدخول إلى العالم الذي تريده، وهذا سيوفر تجارب سياحية ممتعة ومثيرة للمستخدمين.
مخاطر تقنية الميتافيرس
من الممكن أن تواجه هذه التقنية بعض المخاطر والتحديات، ومن هذه المخاطر:
1- خطر الاختراق الإلكتروني: قد يتعرض العالم الافتراضي المبني على تقنية الميتافيرس للهجمات الإلكترونية والقرصنة؛ مما يؤدي إلى خسارة المعلومات الشخصية والخصوصية والمالية للمستخدمين.
2- انعدام الخصوصية: قد يواجه المستخدمون مخاطر انتهاك الخصوصية في العالم الافتراضي، حيث يمكن للأشخاص الآخرين التجسس على أنشطة المستخدمين والتجسس على المعلومات الشخصية.
3- تأثير الصحة العقلية: قد يؤثر استخدام هذا العالم الافتراضي على الصحة العقلية للأفراد؛ إذ أنه قد يسبب الانعزال والاكتئاب والقلق.
4- التحيز والتمييز: يمكن أن يؤدي أيضًا إلى التحيز والتمييز ضد بعض الأفراد بناءًا على العرق، الجنس، الدين، الجنسية أو الهوية الجنسية.
5- الإدمان: قد يؤدي الاستخدام المفرط للعالم الافتراضي إلى الإدمان؛ مما يؤثر على الصحة العقلية والجسدية للأفراد.
6- تغيير الواقع: قد يؤدي استخدام التقنية إلى تغيير الواقع وفقدان الاتصال بالعالم الحقيقي؛ مما يؤثر على العلاقات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي نهاية مقالنا هذا نود أن نقول بأن تطبيق تقنية الميتافيرس في حياتنا سيكون له أثر كبير على البشرية بين تحقيق الأحلام والهروب من واقع مؤلم، إلى الانحصار داخل هذا العالم الافتراضي، فلا يستطيع الأفراد الخروج من عالمهم المصطنع، ولا يقدرون على العودة إلى عالمهم الطبيعي القديم.
وإذا ما بدأ الأفراد بالشعور بأنهم صاروا يملكون هذا العالم الجديد، ووجدوا فيه حريتهم المطلقة، وأحلامهم المحققة، فسوف يستفيقون على كابوس أنهم أصبحوا عبيدًا لشركات التكنولوجيا العملاقة، مثلما تنبأ “نيل ستيفنسون” في روايته للخيال العلمي، والتي استخدم فيها مصطلح الميتافيرس لأول مرة.